يوظف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو جميع إمكانياته من أجل منع انتفاضة شعبية ثالثة في فلسطين والخروج بأكبر مكاسب، ثمنا للاتفاق النووي مع طهران والتطورات الاقليمية.
وتوحي تصريحات نتانياهو الأخيرة بأنه يتجه نحو تهدئة الأمور، ولا يرغب بالتصعيد مع الفلسطينيين على خلفية تصاعد عمليات طعن المستوطنين في القدس والضفة الغربية وانتقالها إلى داخل المدن الإسرائيلية.
وفي حقيقة الأمر فإن الايحاء بالتهدئة هو مجرد تغطية لمخطط شامل معقد لمنع أي حراك فلسطيني شعبي شامل في الضفة والقدس وغزة والمناطق ذات الاغلبية العربية في المثلث والنقب، والتركيز على أن إسرائيل، كما كل بلدان الجوار، تواجه موجة ارهاب، وأن من حقه التصدي لها، وأن العالم مطالب بدعمه لمواجهة “إرهاب” الفلسطينيين.
وما يدلل على ذلك تصريحات نتانياهو التي تعهد فيها بـ”الحزم” في مواجهة العنف، لافتا في الوقت ذاته إلى عدم وجود “حل سحري” لمحاربته. وصوّر نتانياهو التصعيد الحالي بأن إسرائيل تواجه “موجة إرهاب مكونة من هجمات بالسكين وقنابل مولوتوف ورشقات الحجارة وإطلاق النيران”، عازياً هذه الأعمال التي وصفها بغير المنظمة “للتحريض الجامح على الكراهية من قبل حماس والسلطة الفلسطينية وعدد من الدول المجاورة، وكذلك من الحركة الإسلامية في إسرائيل”.
تهدئة مؤقتة للحصول على مكاسب أكبر
وتسعى الحكومة الإسرائيلية إلى تسليط الضوء على الضغوط التي تتعرض لها من المستوطنين والأحزاب الأكثر يمينية، وفيما بدا توجه نتانياهو إلى التهدئة، دعا رئيس بلدية القدس نير بركات الإسرائيليين الحاصلين على رخص السلاح إلى حمل سلاحهم في المدينة. وظهر بركات قبل أيام في محطات إسرائيلية وهو يحمل رشاشا بيده في بيت حنينا شمال القدس. وأعلن بركات ورئيس منظمة الأهالي باز كوهن، أنّهما ينويان تعطيل المدارس الثانوية في القدس ابتداءً من اليوم إلى أن ترتب وزارة المالية والأمن الداخلي ميزانية كاملة لحراسة المؤسسات التعليمية واجبة الحراسة، وشمل الاضراب نحو 40 ألف طالب في 70 مؤسسة تعليمية.
إن توجه نتانياهو إلى التهدئة مؤقتا بعد سيل القرارات القاسية بحق راشقي الحجارة، يعود في جزء منه إلى الخوف بعد توسع التظاهرات وعمليات الطعن، وواضح أن حالة الفلسطينيين اليوم، مع انعدام الأفق بحل سياسي يضمن لهم قيام دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، فهم لن يخسروا كثيرا، لكن السبب الثاني للتهدئة يكمن في رغبته في تخفيف الضغوط الدولية عليه نظرا لمماطلته وعدم جديته في صنع السلام، أو حتى التخفيف من معاناة الفلسطينيين الاقتصادية التي كانت على رأس برنامجه عنده انتخابه في عام 2009.
ولعل السبب المهم الثالث للتهدئة هو رغبة نتانياهو في الحصول على “الرزمة الأمنية” التي من المقرر أن يبحثها في البيت الأبيض أثناء زيارته الشهر المقبل إلى واشنطن. وتتضمن الرزمة دعما لإسرائيل بمنح تصل إلى 3.7 مليار دولار لتحديث القدرات الدفاعية والهجومية للجيش الإسرائيلي، يقول مراقبون إنها تأتي بعد عدم تعطيل إسرائيل الاتفاق النووي مع إيران.
المصدر: RT


