تعد المداهمة التي قامت بها السلطات الفرنسية لمكاتب شركة تكنولوجيا كروت ومعالجات الجرافيك “نفيديا Nvidia” في تقارير وسائل الإعلام هي الأحدث ضمن سلسلة من هذه الإجراءات التي اتخذتها الهيئات التنظيمية الأوروبية في الوقت الذي تتطلع فيه إلى التحقق من عدم هيمنة شركات التكنولوجيا الكبرى علي الأسواق وإحباط المنافسة.

قالت هيئة المنافسة الفرنسية (FCA) يوم الأربعاء 27 سبتمبر إنها قامت بمداهمة فجر اليوم السابق على شركة تعمل في “قطاع كروت الجرافيك”.

وحددت صحيفة تشالزنز الفرنسية وصحيفة وول ستريت جورنال الشركة بأنها نفيديا.

لماذا تعتبر شركة نفيديا مهمة؟

تصنع شركة نفيديا وحدات معالجة الجرافيك (GPUs)، وهي شرائح إلكترونية تعمل على تقسيم مهمة الكمبيوتر إلى أجزاء أصغر ومعالجتها معًا، مما يجعلها أسرع من الطرق التقليدية.

إن وحدات معالجة الجرافيك مطلوبة بشدة من قبل شركات التكنولوجيا لمراكز بياناتها وخاصة تلك التي تستخدم في الذكاء الاصطناعي، ومن قبل صانعي وحدات تحكم ألعاب الفيديو وحتى من قبل القائمين بتعدين العملات الرقمية مثل الـ ـبيتكوين لحل الألغاز الرياضية المعقدة وكسب المزيد من العملات المشفرة.

وتحتكر نفيديا بشكل شبه كامل سوق وحدات معالجة الجرافيك بحصة سوقية تبلغ 84% في الربع الأول من عام 2023 و 80% في الربع الثاني، متفوقة بأشواط على منافسيها مثل شركة إنتل وشركة AMD.

ومع قيمتها السوقية البالغة تريليون دولار، أصبحت نفيديا أيضًا حاسمة في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي سريعة التطور.

تقريبًا جميع أنظمة الحوسبة المستخدمة لتشغيل خدمات “شات جي بي تي ChatGPT” برنامج الدردشة الآلي المولد بتقنية الذكاء الاصطناعي الرائج من شركة OpenAI – تستخدم وحدات معالجة الجرافيك من نفيديا.

في حين أن أسعار وحدة معالجة الجرافيك المتطورة تبدأ من أكثر من 1000 دولار، فإن الأسعار التي تفضلها شركات الذكاء الاصطناعي يمكن أن تكلف أكثر من 10,000 دولار. أنظمة الذكاء الاصطناعي المتخصصة من “نفيديا” مثل DGX A100 تبدأ بسعر 200 ألف دولار، أو سعر 4 سيارات تسلا موديل 3 اس.

وقالت أوراكل، على سبيل المثال، إنها تنفق مليارات الدولارات على رقائق نفيديا.

لماذا تهتم فرنسا بشركة نفيديا؟

أصدرت هيئة الرقابة المالية الفرنسية (FCA) في وقت سابق من هذا العام تقريرًا عن الأداء التنافسي لقطاع الحوسبة السحابية.

وكانت تبحث في هيمنة السوق للشركات السحابية مثل أمازون وجوجل ومايكروسوفت وما إذا كانت هيمنتها على السوق تؤثر على المنافسة.

وفي هذا التقرير، سلطت الهيئة أيضًا الضوء على أن العديد من التطورات، مثل نماذج اللغات الكبيرة المستخدمة في الذكاء الاصطناعي التوليدي (مثل شات جي بي تي) والألعاب السحابية، من المحتمل أن يكون لها تأثير على الأداء التنافسي للقطاع.

تتمتع نفيديا بحضور في كلا القطاعين، وإذا كانت أي شركة ناشئة تخطط لإنشاء شركة ذكاء اصطناعي، فسوف تحتاج إلى الاعتماد على نفيديا للحصول على الرقائق الإلكترونية.

قامت هيئة الرقابة المالية الفرنسية بمداهمة غير معلنة ومصادرة المبنى بعد الحصول على إذن من القاضي.

وأضافت أنه إذا كانت الشركة قد قامت بممارسات مناهضة للمنافسة فلا يمكن تحديدها إلا من خلال إجراء تحقيق على أساس موضوعي.

وقالت شارلوت كولين دوبيسون، شريكة مكافحة الاحتكار والاستثمار الأجنبي في شركة لينكلاترز للمحاماة: “فيما يتعلق بالخطوات التالية بعد المداهمة الأولية، ستكون هناك على الأرجح إجراءات قضائية ضد المداهمة نفسها وأمر القاضي الذي أذن بالمداهمة”.

وقال كولين دوبيسون إنه في فرنسا، يعد هذا إجراء منفصل أمام المحكمة، ويمكن أن يكون له تأثير على قضية هيئة مراقبة السلوكيات المالية إذا تم إبطال المداهمة و/أو الأمر القضائي.

هل تقوم هيئة الرقابة المالية الفرنسية بالتحقيق مع شركات آخري؟

نظرت العديد من السلطات الفرنسية في شركات التكنولوجيا الكبرى سابقًا، بما في ذلك إصدار غرامة على جوجل في عام 2021 لانتهاكها قانون المنافسة في الاتحاد الأوروبي.

وتمتلك الهيئة أدوات لحماية المنافسة بموجب قانون إساءة استخدام المركز المهيمن، وقانون التكتلات الاحتكارية، وإساءة استخدام التبعية الاقتصادية ومراقبة التركيز، وقانون ممارسات المنافسة المقيدة.

وتعتقد أيضًا أن بعض إخفاقات السوق من المرجح أن تتم معالجتها من خلال اللوائح التنظيمية قيد المناقشة حاليًا، مثل قانون بيانات الاتحاد الأوروبي المقترح.

---

خاص: إيجيبت14
المصدر: رويترز