
تهدف وكالة الفضاء الأمريكية ناسا من وراء إرسال مسبار فضائي جديد إلى كوكب المريخ إلى جمع وتخزين عينات من الصخور على سطح ذلك الكوكب حتى يأتي يوم وترسل الوكالة بعثة أخرى لإحضار تلك العينات، لكن متى يمكن أن يحدث ذلك؟
يُعد أحدث مسبار سترسله وكالة ناسا الفضائية إلى المريخ شيئا لا تود أن تصادفه في ليلة مظلمة، وخاصة مع حجمه الضخم، وساقيه الطويلتين، وذيله المضيء، وعنقه الطويل الذي ينتهي برأس ذي عين واحدة.
ولحسن الحظ، فإننا نقف تحت آشعة الشمس الدافئة في مختبر إطلاق الصواريخ والمركبات الفضائية في باسادينا بكاليفورنيا، وأمامنا هذا النموذج الضخم لمسبار ناسا الجديد الذي يعرف باسم “المريخ 2020”.
ويقف ذلك المسبار بجوارنا دون حراك. ومع ذلك، فهو كبير بشكل لافت للنظر، ويبدو ونحن نقف إلى جانبه أن حجمه يقارب حجم سيارة عائلية.
ويقول كين فارلي، عالم الفضاء القائم على ذلك المشروع بوكالة ناسا: “إنه مسبار كبير جدا. والدافع وراء هذا الحجم هو الحاجة إلى الحركة عبر تضاريس وعرة، وحمل عدد كبير من الأدوات العلمية الحديثة”.
ويتخذ مسبار “المريخ 2020” – الذي سمي كذلك نسبة إلى السنة التي من المنتظر إطلاقه فيها – نفس الهيكل الأساسي لمسبار “كيوريوسيتي” التابع لوكالة ناسا أيضا.
ومنذ هبوط “كيوريوسيتي” على سطح المريخ عام 2012، استكشف ذلك المسبار حوالي 10 أميال من الأرض، وهو الآن بطيء جدا في طريقه الوعر لصعود مسافة 5.5 كم فوق جبل “ماونت شارب” على سطح المريخ.
ويقول فارلي: “المركبات الجوالة قادرة على القيام بالأشياء ذاتها بنفس الطريقة، فلو كانت لديك شاحنة، سيكون بإمكانك النظر إلى الكثير من الاستخدامات المختلفة لها”.

من المنتظر إطلاق مسبار ناسا الجديد في عام 2020 لجمع وتخزين عينات مختلفة من تربة كوكب المريخ
ويوضح قائلا: “لدينا مجموعة من الأهداف العلمية المختلفة عن تلك المتعلقة بإطلاق مسبار كيوريوسيتي، ولدينا كذلك أدوات علمية أخرى”.
وفضلا عن العجلات الأكثر قوة، ونظام الملاحة والهبوط الأكثر تطورا، والقدرة الأفضل على حمل أدوات علمية كبيرة، فإن الجيل الجديد من مركبات ناسا المتجولة لديه أداة إضافية مثيرة للاهتمام، وهي عبارة عن مثقب قوي قادر على استخراج عينات من قلب سطح المريخ، حول عصا بحجم أصبع الطباشير.
وستغلف كل عينة من هذه العينات في أنبوب منفصل، وتسحب إلى العربة من خلال ذراع آلية متطورة، ثم تغطى وتسد بإحكام. ويقول فارلي: “سنحمل مجموعة من العينات إلى أن نصل إلى المكان الذي نريد أن نخزنها فيه. ثم ستأتي بعثة أخرى في المستقبل وتتسلم تلك العينات”.
ومع وجود أدلة على أن المريخ كان في مرحلة ما مغطى بالماء، وكان جوه يحتوي على غازات أكثر كثافة، فإن أحد الأسباب الأساسية لإرسال بعثات جديدة إليه هو البحث عن علامات ربما تدل على وجود حياة على سطحه.

سيتم إنزال المسبار الجديد فوق سطح المريخ بهذه الطريقة الموضحة في الصورة
في غضون ذلك، فإن السباق مستمر لإيجاد أدلة على وجود حياة، سواء فيما مضى أو في الوقت الحاضر، على سطح الكوكب الأحمر. وفي هذا الصدد، قد تصل وكالة الفضاء الأوروبية (إيسا) بمشاركة من روسيا إلى تلك الأدلة أولا. إذ أنه من المقرر إطلاق المركبة الجوالة “إكسومارز” التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية في عام 2020 أيضا.
وعلى عكس مسبار “المريخ 2020” لوكالة ناسا الأمريكية، فإنه سيكون بإمكان مركبة “إكسومارز” الحفر لمسافة مترين تحت سطح المريخ، وتحليل العينات على متن تلك المركبة.
وإذا وجدت مركبة “إكسومارز” دليلا على وجود حياة على سطح المريخ، فإن هذا قد يعطي ناسا دافعا أكبر- ونفوذا سياسيا أهم – لإرسال بعثة عاجلة لإحضار العينات التي سيجمعها مسبار “المريخ 2020”.
ويقول فارلي: “عندما تفكر في إرسال البشر إلى المريخ، سيبدو ذلك وكأنه مهمة معقدة للغاية. لكن الأمر كان يبدو كذلك أيضا عندما جرى التفكير في إنزال مسبار بهذا الحجم على سطح المريخ قبل 20 عاما. وإذا لم نفكر جديا في هذا الأمر، فلن ننجز شيئا”.
المصدر: بي بي سي

