
عضو بجماعة القرصنة الإلكترونية “الفرقة 303/أنونيموس”
عكفت مجموعة القرصنة الإلكترونية الناشطة المعروفة باسم “أنونيموس” على شن وابل من الهجمات على روسيا منذ إعلانها شن “حرب سيبرانية” على الرئيس فلاديمير بوتين ردا على غزو أوكرانيا.
وتحدث عدة أشخاص يعملون تحت راية تلك المجموعة إلى بي بي سي عن دوافعهم، وتكتيكاتهم وخططهم.
من بين كل الهجمات السيبرانية التي وقعت منذ بدء الصراع الأوكراني، يبرز هجوم نفذته مجموعة أنونيموس ضد شبكات التلفزيون الروسية.
وتم تصوير الهجوم في مقطع فيديو قصير يظهر فيه انقطاع البث الاعتيادي، حيث حلت محله صور لقنابل تنفجر في أوكرانيا وجنود يتحدثون عن ويلات الحرب.
بدأ الفيديو في الانتشار في 26 فبراير، و بثته حسابات تابعة لأنونيموس على مواقع التواصل الاجتماعي لديها الملايين من المتابعين. وورد في أحد منشورات تلك الحسابات: “جاءنا الآن: أنونيموس تخترق قنوات التلفزيون الحكومية الروسية لبث حقيقة ما يجري في أوكرانيا”.
وسرعان ما حقق الفيديو ملايين المشاهدات.

والد سيدة تعيش في الولايات المتحدة تدعى إيلايزا أرسل إليها مقطع الفيديو من روسيا
كان ذلك الهجوم يحمل الطابع المميز لهجمات أنونيموس – فقد كان دراماتيكيا، بالغ الأثر وسهل التداول على شبكة الإنترنت. ومثل غيره من الهجمات الإلكترونية الأخرى للمجموعة، كان التحقق من مصداقيته في غاية الصعوبة.
لكن إحدى المجموعات الصغيرة التي تعمل تحت مظلة أنونيموس أعلنت مسؤليتها، وقالت إنها تمكنت من السيطرة على بث القنوات التلفزيونية لمدة 12 دقيقة.
كما تمكن أول شخص يبث الفيديو من التحقق من مصداقيته.
تعيش إيلايزا في الولايات المتحدة، ولكن والدها روسي، وقد اتصل بها هاتفيا من روسيا عندما تم تعطيل البث. تقول إيلايزا: “هاتفني والدي عندما حدث ذلك، وقال لي: يا إلهي، إنهم يعرضون الحقيقة! طلبت منه أن يقوم بتسجيل ما يُعرض، ونشرت مقطع الفيديو على الإنترنت. وأخبرني أبي بأن أصدقاءه أيضا شاهدوا ما حدث”.
وقد رفضت شركة روستيلكوم الروسية التي تدير القنوات التي تعرضت للهجوم التعليق على الأمر.
برر منفذو الهجوم أفعالهم قائلين إن المواطنين الأوكرانيين الأبرياء يتعرضون للذبح، وأضافوا: “سوف نكثف هجماتنا على الكريملين إذا لم تُتخذ إجراءات لإعادة السلام إلى أوكرانيا”.
تقول أنونيموس إنها تمكنت أيضا من تعطيل مواقع إنترنت روسية وسرقة بيانات حكومية، ولكن ليسا فورتيه، وهي شريكة في شركة “ريد غوت” (Red Goat) للأمن السيبراني، تقول إنه حتى الآن تعتبر غالبية هذه الهجمات بسيطة نوعا ما.
تتابع أن القراصنة الإلكترونيين لجأوا بالأساس إلى ما يسمى “هجمات حجب الخدمة الموزعة” (تعرف اختصارا ب “Ddos”)، حيث يتم إغراق خادم الإنترنت (server) بالطلبات. وتنفيذ هذا النوع من الهجمات بسيط نسبيا، وينجح في حجب المواقع بصفة مؤقتة فقط.
وتضيف “ولكن اختراق شبكات التلفاز كان مبتكرا للغاية، وكذلك صعب التنفيذ على ما أظن”.
من هي مجموعة أنونيموس؟

مجموعة من ناشطي الهاكر على الإنترنت، أو “hacktivist”، يطلق عليها مجموعة أنونيموس، التي غالبًا ما يخفي أتباعها هوياتهم بأقنعة جاي فوكس، تدعي مسؤوليتها عن تعطيل المواقع المدعومة من روسيا وبيلاروسيا
- ظهرت مجموعة القرصنة الإلكترونية الناشطة للمرة الأولى في عام 2003 من خلال موقع الإنترنت “4chan”
- المجموعة ليس لها قادة، وتروج لنفسها على أنها “حشد كبير” من القراصنة المجهولين
- بإمكان أي شخص أن يزعم أنه ينتمي للمجموعة ويقوم بهجمات سيبرانية لأي غرض، ولكن بشكل عام، تشن المجموعة هجمات على منظمات متهمة بإساءة استخدام السلطة
- شعارها هو قناع “جاي فوكس” الذي اشتهر بعد أن استخدمه الكاتب ألان مور في روايته “V for Vendetta” (في رمز الثأر)، التي تدور حول شخص ثوري فوضوي يطيح بحكومة فاشية فاسدة
- المجموعة لها العديد من الحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي، ويبلغ عدد متابعي صفحتها على موقع تويتر وحده 15.5 مليون متابع.

كما قام أعضاء أنونيموس بتشويه مواقع إنترنت روسية. تقول فورتيه إن ذلك يتضمن السيطرة على موقع ما لتغيير المحتوى الذي يعرضه.
حتى الآن، تسببت الهجمات السيبرانية في إرباكات وإحراجات، لكن خبراء الأمن السيبراني صاروا يشعرون بالقلق بشكل متزايد إزاء الارتفاع الهائل في أعمال القرصنة الناشطة منذ غزو أوكرانيا.
فهم يخشون أن أحد القراصنة الناشطين ربما يقوم عن طريق الخطأ بتعطيل شبكة حواسيب أحد المستشفيات، أو وسائل اتصالات حيوية.
تقول إميلي تايلور من مجلة سايبر بوليسي جورنال: (Cyber Policy Journal)”لم أر شيئا كهذا من قبل”.
وتتابع: “هذه الهجمات تحمل في طياتها بعض المخاطر. فقد تؤدي إلى التصعيد، أو ربما يتسبب شخص ما عن طريق الخطأ في إلحاق ضرر بالغ بجانب حيوي من جوانب الحياة المدنية”.
لم يتزايد نشاط أنونيموس بهذا الشكل منذ سنوات. يقول رومان، وهو أوكراني وصاحب مشروع في مجال التكنولوجيا ويتزعم مجموعة من القراصنة الإلكترونيين تطلق على نفسها اسم “انهض من أجل أوكرانيا” (Stand for Ukraine) إنه لم تكن له أي صلة بأنونيموس قبل الغزو الروسي لأوكرانيا.
لكنه أخبرني بأنه عندما قام هو وفريقه بتشويه موقع وكالة الأنباء الروسية الرسمية “تاس” لفترة وجيزة حيث نشروا شعارا مناهضا لبوتين عليه، فإنهم أضافوا أيضا شعار مجموعة أنونيموس.
يعمل رومان من شقته في كييف، حيث ينسق بين أعضاء فريقه الذي يصمم مواقع على الإنترنت وتطبيقات نظام أندرويد وبرامج آلية تتفاعل مع مستخدمي تطبيق تليغرام، من أجل المساعدة في المجهود الحربي الأوكراني واختراق مواقع روسية.
يقول رومان: “أنا على استعداد لحمل السلاح من أجل أوكرانيا، ولكن في الوقت الراهن، أفضل طريقة لاستغلال مهاراتي هي من خلال استخدام الكمبيوتر لذا أنا هنا مع حاسبيّ المحمولين، أعكف على تنسيق هذه المقاومة الإلكترونية”.

يقول رومان: “أحيانا أرى الصواريخ في السماء”.
ويضيف أن فريقه تمكن من قطع خدمات إصدار تذاكر قطارات محلية روسية لبضع ساعات، ولكن بي بي سي لم تتمكن من التحقق من هذه المعلومة.
يدافع رومان عن أفعاله قائلا: “هذه الأمور مخالفة للقانون وخاطئة، إلى أن يصبح هناك تهديد على حياتك أو حياة أحد أقاربك”.
من المجموعات الأخرى التي اندمجت مع أنونيموس فريق قرصنة إلكترونية بولندي يطلق على نفسه اسم “الفرقة 303” (Squad 303)، تيمنا بوحدة الدفاع الجوي البولندية الشهيرة خلال الحرب العالمية الثانية.
يقول أحد أعضاء المجموعة، والذي يستخدم اسم يان زومباخ – الطيار البولندي خلال الحرب العالمية الثانية: “نحن نعمل مع أنونيموس طوال الوقت، وأنا أعتبر نفسي الآن عضوا في حركة أنونيموس”.
لم يرغب في نشر صورته، ولكن عضوا أوكرانيا من أعضاء فريقه أرسل لنا صورة لنفسه يرتدي فيها خوذة وقناع. قال لنا ذلك العضو إنه يقف “خلف المتاريس حاملا بندقية خلال النهار، وأقوم بأعمال القرصنة الإلكترونية مع الفرقة ومجموعة أنونيموس خلال الليل”.
أنشأت الفرقة 303 موقعا على شبكة الإنترنت يسمح للأشخاص بإرسال رسائل لأرقام هواتف روسية عشوائية تتحدث عن حقيقة ما يجري في الحرب. وتزعم الفرقة أنها ساعدت في إرسال 20 مليون رسالة نصية ورسالة عبر تطبيق واتساب.
اثنتان من مجموعات أنونيموس التي تحدثت إليها قالتا لي إن ذلك كان العمل الأشد أثرا الذي نفذته المجموعة من أجل أوكرانيا حتى الآن.
عندما سألته كيف يبرر أنشطة الفرقة المخالفة للقانون، قال يان زومباخ إنه لم يسرق أو ينشر أي معلومات خاصة، وإنه فقط يحاول أن يخاطب الروس بهدف الفوز في الحرب المعلوماتية.
بيد أنه أضاف أنهم يخططون للمزيد من الهجمات السيبرانية المؤثرة خلال الأيام القادمة.
يشار إلى أن جماعات قرصنة إلكترونية في روسيا تشن أيضا هجمات ضد أهداف أوكرانية، ولكن على نطاق أضيق على ما يبدو.
وقد تعرضت أوكرانيا لثلاث موجات رئيسية من هجمات حجب الخدمة الموزعة منذ يناير الماضي، فضلا عن ثلاث حوادث أكثر خطورة تضمنت محو بيانات عدد صغير من نظم الحاسب الآلي الأوكرانية.
ويوم الأربعاء 16 مارس، ظهر فيديو مفبرك للرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي على موقع القناة التلفزيونية “أوكرانيا 24” (Ukraine 24) على الإنترنت بعد تعرضه لما بدا هجوما إلكترونيا.
يقول القرصان الإلكتروني “أنون تو ورلد” (Anon2World) الذي يعمل ضمن أنونيموس منذ وقت طويل: “كعب أخيل مجموعة أنونيموس هو أنه بمقدور أي شخص أن يزعم أنه ينتمي إلى أنونيموس، بما في ذلك هؤلاء الذين يعملون مع الدول ضد [المبادئ] التي نحارب من أجلها”.
“مع تنامي شعبيتنا في الوقت الراهن، من [شبه] المؤكد أنه سيكون هناك تداعيات واضحة صادرة عن كيانات حكومية. وإذا كان ذلك سيؤدي إلى تفاقم الفوضى، فإننا معتادون على الفوضى، ولا سيما على شبكة الإنترنت”.
المصدر: بي بي سي
تعقيب: كيف يشن قراصنة الإنترنت حربهم على بوتين؟ — Egypt14 – Louloumohamed