محطة ثري مايل آيلاند للطاقة النووية عند غروب الشمس في ميدلتاون، بنسلفانيا، الولايات المتحدة، 15 أكتوبر 2024

ظلت أبراج التبريد العملاقة في محطة “ثري ميل إيلاند Three Mile Island” النووية التابعة لشركة “كونستيلاشن للطاقة Constellation Energy” في ولاية بنسلفانيا في حالة سبات لفترة طويلة حتى أن العشب قد نبت في قواعد الأبراج المجوفة. ومراكز الحراسة المسلحة عند مدخل المنشأة الخرسانية المغلقة، محاطة بالأسلاك الشائكة، خالية.

المفاعل النووي الذي كان يعمل بصوت عالٍ جدًا عند التشغيل لدرجة أنه يتعين على العمال ارتداء أدوات حماية السمع، يكاد يكون صامتًا.

وقال كريج سميث، مدير الضمان التنظيمي في شركة كونستيلاشن للطاقة، خلال جولة في المصنع الأسبوع الماضي: “لا يزال الأمر غريبًا هنا، وهو هادئ”.

سميث، الذي كان يعمل في مفاعل “ثري ميل إيلاند” عندما أغلقت الشركة آخر مفاعل متبقي في الموقع في عام 2019، يستعد الآن لإعادة التشغيل.

أعلنت شركة كونستيلاشن الشهر الماضي أنها ستعيد إحياء مفاعل “ثري ميل إيلاند” الذي يعود تاريخه إلى نصف قرن بغرض تزويد مراكز بيانات مايكروسوفت بالطاقة. ومن المتوقع أن تدفع مايكروسوفت ما لا يقل عن 100 دولار لكل ميجاوات في الساعة، أي ما يقرب من ضعف التكلفة النموذجية للطاقة المتجددة في المنطقة، كجزء من عقد الطاقة لمدة 20 عامًا.

وتُظهر الاتفاقية المدى الكبير الذي ترغب شركات التكنولوجيا الكبرى في بذله لشراء الكهرباء لتوسيع نطاق الذكاء الاصطناعي وتعهد صناعة الطاقة الأمريكية لتلبية هذا الطلب.

من المتوقع أن تستغرق الجهود المبذولة لاستعادة الوحدة 1 في المفاعل أربع سنوات، وما لا يقل عن 1.6 مليار دولار، وآلاف العمال لإكمال المهمة غير المسبوقة المتمثلة في إعادة تشغيل محطة نووية متقاعدة.

طلبت شركة كونستيليشن بالفعل معدات باهظة الثمن للموقع وحددت الوقود المشع اللازم لقلب مفاعل الوحدة، ومن المتوقع أن يبدأ العمل أوائل العام المقبل، وفقًا لمقابلات أجرتها رويترز مع المديرين التنفيذيين للشركة والمقاولين وجولة في الموقع.

إن النجاح في إحياء مفاعل “ثري ميل إيلاند”، بعد الحادثة المعروفة على نطاق واسع بالانهيار الجزئي الذي حدث عام 1979 والذي ألقى بظلاله على القطاع النووي الأمريكي لعقود من الزمن، من شأنه أن يضع المحطة في مقدمة عملية إحياء الصناعة.

تنتج الطاقة النووية كميات كبيرة من الكهرباء الخالية من الكربون. وهذا أمر جذاب بالنسبة للشركات، مثل مايكروسوفت، التي لديها تعهدات بشأن المناخ وتواجه تدقيقا عاما متزايدا بسبب استخدامها الشره للطاقة.

غرفة التحكم في محطة الطاقة النووية في مفاعل “ثري ميل إيلاند”، خلال جولة قامت بها شركة كونستيلاشن للطاقة، التي طلبت محول طاقة رئيسي للمفاعل النووي الذي تحاول إعادة تشغيله، في ميدلتاون، بنسلفانيا، الولايات المتحدة، 16 أكتوبر 2024

وقال أليستير سبيرز، المدير الأول للبنية التحتية العالمية لسحابة مايكروسوفت “آزور Azure”، لرويترز إن مايكروسوفت ستفكر في توقيع اتفاقيات أخرى لشراء الطاقة لإعادة تشغيل المفاعلات المغلقة.

ومن شأن إعادة تشغيل مفاعل “ثري ميل إيلاند” أن تزود الشبكة الإقليمية بـ 835 ميجاوات من الكهرباء، وهو ما يكفي لجميع منازل مدينة فيلادلفيا (سادس أكبر مدينة بالولايات المتحدة من ناحية عدد السكان) للمساعدة في تعويض استهلاك مايكروسوفت للطاقة.

ومع ذلك، فإن إعادة تشغيل المفاعل ليست مؤكدة. لا يزال مفاعل “ثري ميل إيلاند”، والتي سيتم تغيير اسمها إلى مجمع Crane Clean للطاقة، تتطلب تعديلات الترخيص والصلاحيات. كما تعهد النشطاء المحليون بمحاربة المشروع بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة والبيئة.

ويقول خبراء الطاقة، إنه إذا عانت الخطة من نفس التأخير الطويل وتجاوز التكاليف التي ابتليت بها كل مفاعل نووي تقريبًا في تاريخ البلاد، فقد تحبط صفقات أخرى وتعوق سعي شركات التكنولوجيا الكبرى للتوسع بسرعة.

في وقت سابق من هذا العام، أنهت شركة كونستيليشن الاختبار الأولي للوحدة 1 في المحطة لتحديد ما إذا كان من المعقول ماليًا إعادة إحيائها.

وبعد أن علمت أن المولد المركزي، الذي كان سيتكلف استبداله مئات الملايين من الدولارات، كان في حالة جيدة، مضت الشركة قدمًا في خطتها.

وارتفع سعر سهم كونستيليشن بنسبة 135% حتى الآن هذا العام وسط توقعات جديدة لاستهلاك قياسي للطاقة في الولايات المتحدة العام المقبل ومضاعفة طلب الكهرباء من مراكز البيانات بحلول عام 2030.

وليس الجميع متحمسون بشأن احتمال العودة النووية، تنتج محطات الطاقة النووية نفايات يمكن أن تظل مشعة لآلاف السنين.

وقال الناشط المحلي إريك إبستاين، الذي يتذكر حادثة المفاعل في مارس 1979، إنه سيعارض طلب شركة كونستيليشن لاستئناف تراخيص التشغيل واستخدام المياه.

خاص: إيجيبت14
المصدر: رويترز