
أوروبا ترد على عقوبات ترامب “الاستبدادية” المفروضة على الشخصيات المناهضة للتضليل الإعلامي
أعرب الحلفاء الأوروبيون عن غضبهم يوم الأربعاء 24 ديسمبر بعد أن فرضت إدارة ترامب عقوبات على ناشطين في مجال السلامة على الإنترنت ومسئولين في الاتحاد الأوروبي متهمين بحجب “وجهات النظر الأمريكية”، تشمل قائمة الأشخاص الخمسة الذين منعهم وزير الخارجية ماركو روبيو من دخول الولايات المتحدة مسؤولاً سابقاً رفيع المستوى في الاتحاد الأوروبي وأربعة نشطاء بارزين مناهضين لخطاب الكراهية والمعلومات المضللة على وسائل التواصل الاجتماعي.
اتهم روبيو الشخصيات الخمس التي تم فرض عقوبات عليها بقيادة “جهود منظمة لإجبار منصات التواصل الاجتماعي الأمريكية على فرض رقابة، وحظر تحقيق الربح، وقمع وجهات النظر الأمريكية التي تعارضها”.
وأضاف قائلاً: “لقد ساهم هؤلاء الناشطون المتطرفون والمنظمات غير الحكومية المُسيّسة في تعزيز حملات قمع الرقابة التي تشنها دول أجنبية”، مستخدماً الاختصار للإشارة إلى المنظمات غير الحكومية. وقال متوعداً “لن تتسامح إدارة ترامب بعد الآن مع هذه الأعمال الفظيعة للرقابة خارج الحدود الإقليمية”.
يمثل هذا تصعيداً خطيراً لحرب واشنطن على ما تعتبره رقابة من الاتحاد الأوروبي. وقد سبق أن انتقد نائب الرئيس الأمريكي جيه دي فانس قادتها في أوروبا بسبب ما اعتبره إخفاقات في مجال حرية التعبير.
لكن بالنسبة للكثيرين في القارة الأوروبية وخارجها، تأتي هذه الخطوة بمثابة تضخيم لحملة إدارة ترامب على وجهات النظر التي لا تتوافق مع وجهات نظرها.
ويأتي هذا الرد من واشنطن أيضاً بعد محاولات أوروبية لتنظيم عمالقة التكنولوجيا الأمريكية مثل منصة “اكس X” المملوكة لـ إيلون ماسك، والتي فرض عليها الاتحاد الأوروبي غرامة قدرها 120 مليون يورو (حوالي 140 مليون دولار) في وقت سابق من هذا الشهر بسبب “انتهاك التزامات الشفافية”.
أدانت المفوضية الأوروبية، وهي الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي، وكذلك وزارة العدل الألمانية والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الخطوة الأمريكية.
وصف ماكرون ذلك بأنه “ترهيب وإكراه يهدفان إلى تقويض السيادة الرقمية الأوروبية”.
وحذرت المفوضية الأوروبية من أنه “إذا لزم الأمر، فسوف نرد بسرعة وحزم للدفاع عن استقلالنا التنظيمي ضد الإجراءات غير المبررة”، بينما قال رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا إن “مثل هذه الإجراءات غير مقبولة بين الحلفاء والشركاء والأصدقاء”.

نائب الرئيس جي دي فانس في مؤتمر ميونيخ للأمن في فبراير 2025، حيث صدم القادة الأوروبيين بحثهم على إنهاء عزل الأحزاب اليمينية المتطرفة في القارة الأوروبية
من هم الذين استهدفوا بالعقوبات الأمريكية
1- تيري بريتون، كبير منظمي التكنولوجيا السابق في المفوضية الأوروبية
كان أبرز شخصية تم حظر تأشيرة دخولها هو تيري بريتون، كبير منظمي التكنولوجيا السابق في المفوضية الأوروبية، والذي وصفته وزارة الخارجية بأنه “العقل المدبر” لقانون تاريخي لتنظيم ورقابة أنشطة شركات التكنولوجيا العملاقة ويسمي “قانون الخدمات الرقمية”.
قال ماسك في عام 2022 إنه يؤيد القانون، لكنه بدأ في تغيير موقفه مع فرض الغرامة على منصة اكس X – وهي الأولى بموجب الصلاحيات القانونية الجديدة – والتي وصفها بأنها “هراء”. كما وصف بريتون بأنه “طاغية أوروبا”، في حين أدان كل من وزير الخارجية الأمريكي روبيو ونائب الرئيس الأمريكي “جي دي فانس” الغرامة.
كتب بريتون على منصة اكس: “هل عادت حملة مكارثي لمطاردة الساحرات؟”، في إشارة إلى حملة مناهضة الشيوعية التي قادها السيناتور الجمهوري جوزيف مكارثي في خمسينيات القرن الماضي. وأصاف “إلى أصدقائنا الأمريكيين: الرقابة ليست حيث تظنون.”

تيري بريتون، المفوض الأوروبي السابق للسوق الداخلية وأحد أبرز مهندسي قانون الخدمات الرقمية في الاتحاد الأوروبي
2- عمران أحمد، الرئيس التنفيذي لمركز مكافحة الكراهية الرقمية
كما فرضت وزارة الخارجية حظراً على تأشيرة عمران أحمد، الرئيس التنفيذي لمركز مكافحة الكراهية الرقمية، وهي منظمة بحثية ودعوية غير ربحية تقول إنها تحاسب شركات التواصل الاجتماعي التي “تقوض حقوق الإنسان الأساسية والحريات المدنية من خلال تمكين انتشار الكراهية والمعلومات المضللة عبر الإنترنت”.
في منشور على منصة اكس وصفت سارة روجرز، وكيلة وزارة الخارجية، أحمد بأنه “متعاون رئيسي مع إدارة بايدن في جهودها لتسليح الحكومة ضد المواطنين الأمريكيين”، وأشارت إلى أن مركز مكافحة التمييز الجنسي قد أصدر سابقًا تقريرًا ذكر فيه اسم وزير الصحة والخدمات الإنسانية الحالي روبرت كينيدي جونيور كجزء من “مجموعة الاثني عشر المضللة”.
يوم الأربعاء 24 ديسمبر، رفع أحمد، وهو مقيم دائم في الولايات المتحدة، دعوى قضائية ضد وزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم ومسؤولين آخرين في إدارة ترامب بسبب العقوبات. وفي يوم الخميس، أصدر قاضٍ فيدرالي أمرًا تقييديًا مؤقتًا يمنع سلطات إنفاذ القانون من اعتقال أحمد أو احتجازه قبل النظر في قضيته.
3- كلير ميلفورد، رئيسة مؤشر التضليل العالمي
وهي منظمة غير ربحية مقرها المملكة المتحدة تسعى لمكافحة التضليل. اتهم روجرز المجموعة باستخدام “أموال دافعي الضرائب الأمريكيين للتحريض على الرقابة وحظر حرية التعبير والصحافة الأمريكية”.
4- منظمة HateAid
كما فرضت وزارة الخارجية عقوبات على آنا لينا فون هودنبرج وجوزفين بالون، وهما قائدتان مشاركتان لمنظمة HateAid الألمانية غير الربحية، والتي تتمثل مهمتها في “تعزيز الديمقراطية في الفضاء الرقمي” من خلال تقديم الدعم القانوني لضحايا “العنف الرقمي”.
صرحت هودنبرج وبالون لشبكة إن بي سي نيوز في بيان أن هذا “عمل قمعي من قبل حكومة تتجاهل بشكل متزايد سيادة القانون وتحاول إسكات منتقديها بأي وسيلة ضرورية”.
وأضافوا: “لن نخضع للترهيب من قبل حكومة تستخدم اتهامات الرقابة لإسكات أولئك الذين يدافعون عن حقوق الإنسان وحرية التعبير”.
أدان مؤشر التضليل العالمي هذه الإجراءات باعتبارها “هجوماً استبدادياً على حرية التعبير وعملاً شنيعاً من أعمال الرقابة الحكومية”.
وأضاف: “لا يمكن إلا للمتنمرين والفاشيين الصغار في إدارة ترامب أن يغفلوا عن المفارقة المتمثلة في التنديد بـ”قمع حرية التعبير” بينما يستخدمون سلطة الدولة لإسكات المنتقدين الذين يمارسون حرية التعبير المحمية”.
رد وزارة الخارجية الفرنسية
وفي الوقت نفسه، زعمت وزارة الخارجية الفرنسية وجود معايير مزدوجة في كيفية تعامل الولايات المتحدة مع حلفائها الأوروبيين القدامى وخصومها التاريخيين في روسيا أثناء تفاوضها من أجل السلام في أوكرانيا.
كتبت الوزارة على منصة اكس: “مرحباً وزارة الخارجية الأمريكية @StateDept، هل تعلمون أن هذا الشخص الذي دعوتموه إلى ميامي هو مسؤول من دولة تحظر المنصات الأمريكية؟”. وإلى جانب النص، كانت هناك صورة لكيريل ديميترييف، مبعوث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي عاد لتوه من محادثات دبلوماسية في فلوريدا.
حظرت روسيا موقعي فيسبوك وإنستجرام، وقيد بشدة منصات أخرى مثل إكس، المعروفة سابقاً باسم تويتر.
تواصلت شبكة NBC News مع وزارة الخارجية الأمريكية للتعليق على ردود الفعل، كما اتصلت بمركز مكافحة الكراهية الرقمية للحصول على رد.
عقوبات ترامب
تُمثل هذه العقوبات ذروة جديدة في حرب إدارة ترامب على ما تسميه الرقابة الأوروبية.
وقد صوّر البيت الأبيض إجراءاته على أنها ضرورية لكسر التحيز الليبرالي الذي ساد لعقود طويلة في وسائل الإعلام والنخب الحكومية، بينما يراها النقاد محاولة لإسكات المعارضة ونشر خطاب غير ليبرالي، غالباً ما يكون خطاب كراهية، على الإنترنت.
في الشهر الماضي، شعر الكثيرون في أوروبا بالذهول عندما هاجمت استراتيجية الأمن القومي لترامب الاتحاد الأوروبي لتقويضه “الحرية السياسية والسيادة”، وتبنيه “سياسات الهجرة التي تُغير وجه القارة”، و”خلقه للصراع، وفرضه للرقابة على حرية التعبير وقمع المعارضة السياسية، وانخفاض معدلات المواليد بشكل حاد، وفقدان الهويات الوطنية والثقة بالنفس”.
خاص: إيجيبت14
المصدر: CNBC

