أدى هجوم إلكتروني عالمي يوم الجمعة 12 مايو مستفيدًا من أدوات قرصنة يُعتقد أنها طُورت من قبل وكالة الأمن القومي الأمريكية NSA إلى إصابة عشرات الآلاف من أجهزة الكمبيوتر في ما يقرب من 100 دولة.
الهجوم أدي الي تعطيل النظام الصحي البريطاني وشركة الشحن الدولية “فيديكس” FedEX.
وفي الهجوم، الذي وُصف بأنه هجوم الفدية العالمي الأكبر من نوعه على الإطلاق، خدع القراصنة الضحايا وأغروهم بفتح مرفقات تحتوي على برمجيات خبيثة أُرسلت مع رسائل غير مرغوب فيها “سبام” يبدو أنها تضمنت فواتير، وعروض مهمة، وتحذيرات أمنية، وغيرها من الملفات المشروعة.
وبعد فتح البرمجية الخبيثة، التي تنتمي إلى برمجيات الفدية الخبيثة، قامت بتشفير البيانات على أجهزة الحاسب، مطالبةً الضحايا بدفع فدية تراوحت بين 300 و 600 دولار أمريكي لاستعادة الوصول إلى البيانات المشفرة.
وقال باحثون أمنيون إنهم لاحظوا أن بعض الضحايا يدفعون عن طريق العملة الرقمية بيتكوين، على الرغم من أنهم لا يعرفون ما النسبة المئوية التي أعطيت للابتزاز. وذكر باحثون من شركة “أفاست” Avast المتخصصة في تطوير البرمجيات الأمنية أنهم لاحظوا نحو 57 ألف حالة إصابة في 99 دولة، أكثرها في روسيا وأوكرانيا وتايوان.
ولم تعلن الدول الآسيوية عن وقوع أي خروقات كبيرة اليوم السبت 15 مايو، بيد أن المسؤولين فى المنطقة كانوا يتدافعون للتحقق والحرص على كتمان مدى تأثير الضرر لبعض الوقت. وذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة “شينخوا” أن بعض المدارس الثانوية والجامعات تأثرت بالهجمة دون الكشف عن هويتها وعددها.

خريطة تعرض الدول التي تعرضت للهجوم الإلكترونيوتشمل معظم الدول العربية
وقد تم الإبلاغ عن معظم الهجمات المدمرة في بريطانيا، حيث اضطرت المستشفيات والعيادات يوم أمس الجمعة إلى صرف ورد المرضى بعد أن فقدوا إمكانية الوصول الى أجهزة الحاسب الخاصة بها. كما قالت شركة الشحن الدولية “فيديكس” إن بعض أجهزة الحاسب خاصتها العاملة بنظام ويندوز أُصيب أيضًا. وأضافت في بيان: “نحن نتخذ التدابير العلاجية بأسرع وقت ممكن”.
وقال فيكرام ثاكور، مدير الأبحاث لدى شركة تطوير البرمجيات الأمنية سيمانتيك، إن عددًا قليلًا فقط من الشركات التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرًا لها أصيبت، لأنه يبدو أن القراصنة بدأوا حملتهم من خلال استهداف شركات في أوروبا.
وأضاف ثاكور أنه بحلول الوقت الذي حولوا فيه انتباههم إلى الولايات المتحدة، كانت مرشحات البريد المزعج قد تعرفت على التهديد الجديد وحددت رسائل البريد الإلكتروني المحملة ببرمجيات الفدية الخبيثة على أنها خبيثة.
وقالت وزارة الأمن الداخلي الأمريكية فى وقت متأخر من يوم الجمعة 12 مايو إنها على علم بتقارير هجمات برمجيات الفدية الخبيثة، وأكدت أنها مستعدة لتبادل المعلومات مع الشركاء المحليين والأجانب، ولتقديم الدعم الفني.
وكانت شركة الاتصالات السلكية واللاسلكية “تيليفونيكا” Telefonica من بين العديد من الأهداف في إسبانيا، على الرغم من أن الهجوم كان يقتصر على بعض أجهزة الحاسب على شبكة داخلية ولم تؤثر على العملاء أو الخدمات. كما أعلنت شركة الاتصالات البرتغالية تليكوم وتيليفونيكا الأرجنتين أنها كانت أيضًا من بين المستهدفين.
وحددت شركات الأمن الخاصة برمجية الفدية الخبيثة المستخدمة كصيغة جديدة من برمجية “واناكري”WannaCry التي تمتلك القدرة على الاانتشار تلقائيًا عبر شبكات كبيرة من خلال استغلال ثغرة معروفة في نظام التشغيل ويندوز من مايكروسوفت.

الشاشة التي يظهرها القراصنة وتشرح للضحية كيف يدفع النقود لكي يفك تشفير ملفاته
وقال باحثون من العديد من شركات أمن الإنترنت الخاصة إنه من المحتمل أن يكون القراصنة، الذين لم يُتعرف عليهم أو يعلن أحدهم المسؤولية عن الهجوم، جعلوا برمجياتهم “دودة”، أو برمجية خبيثة ذاتية الانتشار من خلال استغلال جزء من شفرة طورتها وكالة الأمن القومي الأمريكية باسم “Eternal Blue الأزرق الخالد”.
وقد نُشرت على الإنترنت في 14 أبريل الماضي من قبل مجموعة قراصنة معروفة باسم “وسطاء الظل” Shadow Brokers.
ومن جانبها، قالت شركة مايكروسوفت إنها أطلقت تحديثًا تلقائيًا لنظام ويندوز لحماية عملائها من برمجية “وانا كراي” WannaCry. وكانت قد أطلقت يوم 14 مارس الماضي تحديثًا لحماية المستخدمين من ثغرة Eternal Blue. ولكن يعتقد أن عدد كبير من مستخدمي نظم تشغيل النوافذ لم يقوموا بتثبيت التحديث الذي يعالج الثغرة الأمنية
ويُعتقد أن انتشار برمجية الفدية الخبيثة يأتي في توقيت حساس، إذ إنه يأتي بعد أسبوع من اضطرابات الإنترنت فى أوروبا التي بدأت الأسبوع الماضي عندما نشر القراصنة مجموعة من وثائق الحملة الانتخابية المرتبطة بالمرشح الفرنسي ايمانويل ماكرون قبيل تصويت الإعادة التي، مع ذلك، اُنتخب فيها رئيسًا لفرنسا.
وفي يوم الأربعاء الماضي، عطل قراصنة مواقع العديد من شركات الإعلام الفرنسية وعملاقة الفضاء إيرباص. كما تأتي الهجمات الجديدة قبل 4 أسابيع من الانتخابات العامة البريطانية التي تعد فيها مسألة الأمن الوطني وإدارة الخدمات الصحية الوطنية التي تديرها الدولة NHS من القضايا الهامة.
استعدت السلطات البريطانية للهجمات الإلكترونية قبل الانتخابات كما حدث مع الانتخابات الأمريكية العام الماضي وفي عشية الانتخابات الفرنسية.
ووجهت أصابع الاتهام في هذه الهجمات إلى روسيا التي نفت مرارا ضلوعها في الأمر.
وتعرضت أيضا وزارتا الداخلية والطوارئ الروسيتان وبنك سبيربانك أكبر المصارف في روسيا للهجوم الإلكتروني يوم الجمعة.
وقالت وزارة الداخلية الروسية على موقعها على الإنترنت إن نحو ألف جهاز كمبيوتر تضرر لكنها تمكنت من احتواء الفيروس. وقالت وزارة الطوارئ لوكالات الأنباء الروسية إنها صدت الهجوم في حين قال بنك سبيربانك إن أنظمة الأمن الإلكترونية بالبنك منعت الفيروس من دخول أنظمته.
نيسان تقول إن الهجوم الإلكتروني أثر على مصنعها في بريطانيا
قال متحدث باسم شركة نيسان اليابانية للسيارات يوم السبت 13 مايو إن إنتاج مصنعها في ساندرلاند بشمال شرق إنجلترا تأثر بالهجوم الإلكتروني الذي تعرضت له نحو 100 دولة.
وقال المتحدث “مثل العديد من المنظمات تعرض مصنعنا في المملكة المتحدة لهجوم (الفدية) الذي أثر على بعض أنظمتنا مساء الجمعة. تعمل فرقنا لحل الأمر”.
ورفض تأكيد تقارير إعلامية بأن الإنتاج في المصنع، الذي يعمل به 7 آلاف عامل، توقف.
المصدر: وكالات