ما السرّ وراء أن يكون التفاح فاكهة كل الفصول؟

كيف يحافظ المزارعون على استمرار توفر التفاح في غير أوقات جني المحصول؟

يعود الفضل في ذلك إلى طريقة تخزين توقف عملية نضج التفاح.

وتستمر ثمار التفاح في القيام بالعمليات الكيميائية الطبيعية للنبات حتى بعد قطفها من الأشجار، فهي إلى حد ما تحصل على الأكسجين وتولد الطاقة وتقترب شيئا فشيئا من النضج. وتعود التفاعلات الكيميائية التي تؤدي إلى نضج الثمار في جانبها الأكبر إلى هرمون يسمى الإثيلين، وهو الذي يغير شكل عدد لا يحصى من الجينات في الثمرة. وتصبح الثمار التي تتفاعل مع الإثيلين (ليس التفاح فقط، لكن أيضا الموز والبابايا والمانغو وبعض أنواع الكمثرى وغيرها) أكثر حساسية للهرمون عندما يقترب موعد النضج.

الإثيلين المنبعث من التفاح الناضج يؤدي إلى نضوج التفاح الموجود بجواره أيضا

تحدث تفاعلات النضج بشكل أسرع عندما تكون درجات الحرارة مرتفعة. لذا، فإن الحفاظ على ثمرة التفاح في جو بارد في طابق أرضي أو حتى في كهف سوف يؤخر نضجها، حسب جيمس ماتييس، مدير الأبحاث في مختبر أبحاث الفاكهة التابع لوزارة الزراعة الأمريكية في واشنطن. كما أن عزل الثمرة في مكان لا يصله الأكسجين سوف يبطيء عملية النضج، لأن الأكسجين ضروري لحدوث التفاعلات. وتستخدم هذه الوسائل في تخزين الفاكهة منذ زمن طويل.

لكن في منتصف القرن العشرين، بدأ الباحثون في إجراء تجارب تركز على تغيير تركيبة الهواء في غرف التخزين. فإذا ما قلت نسبة الأكسجين في هواء الغرفة، سيكون تأثير الإثيلين قليلا على الثمرة، وتتباطأ عملية التنفس الطبيعي. ويحتوي الهواء الطلق الذي نتنفسه على نحو 21% من الأكسجين، لكن هذه النسبة تقل لما يترواح بين 3% و0.5% في غرف التخزين.

ويمكن أن تكون هذه الغرف المفرغة تقريبا من الأكسجين، والتي يُتحكم أيضا في درجة رطوبتها وحرارتها، عملاقة في حجمها. يقول ماتييس: “في المكان الذي أعيش فيه بولاية واشنطن، ينتج ما يترواح بين 50 و75% من إجمال الإنتاج”. يعني هذا أن تلك الأماكن تسع لتخزين ما يتراوح بين 2 إلى 3 مليارات رطل من التفاح. ويقول ماتييس عن المساحة الشاسعة لتلك الغرف: “هذه الغرف تتسع لإقامة 3 أو 4 مباريات لكرة السلة”.

وتستحوذ مثل هذه الغرف المخصصة لإبطاء عملية نضج التفاح على اهتمام وسائل الإعلام، بسبب ما يحدث للعاملين بداخلها في ظل نقص كمية الأكسجين.

كان التفاح يخزن في المزارع، لكن يمكن تناوله فقط في موسم حصاده

بينما يؤدي تقليل نسبة الأكسجين إلى تمديد حياة التفاح ذاتيا إلى عدة شهور، وجد جزيء يسمى “1-ميثيلكيكلوبروبين” طريقه إلى غرف التخزين أيضا خلال العقدين الأخيرين. هذا الجزيء، الذي سُجل كبراءة اختراع عام 1997، يتموضع بشكل دقيق في المستقبلات التي يلتصق بها هرمون الإيثلين، وهو يشبه تلك الأغطية البلاستيكية لنقط تجمع الأسلاك الكهربية، ويدخل في الفراغات ويغلق مداخل الهرمون.

وعندما يحدث ذلك، لايهم كم يوجد من الإيثلين في البيئة المحيطة. وبهذا، تتوقف ثمار التفاح عن عملية النضوج. ويمكن لكل من الأكسجين المخفف و”1-ميثيلكيكلوبروبين” سويا أن يوقفنا نمو التفاح لأكثر من 6 أشهر.

لذا، عندما يكون التفاح جاهزا للبيع، هل يستطيع المزارعون بدء عملية الإنضاج بإخراج التفاح من منشأت التخزين؟ يقول ماتييس إن استئناف عملية الإنضاج ليس بالسهولة التي بدأت بها العملية.

ويضيف: “في أغلب الأحيان، يشتري الناس تفاحا غير ناضج تماما”. فالتفاح الذي يخرج من منشأة التخزين يكون على نفس الحالة التي كان عليها عند قطفه من الأشجار، لكن لا تنبعث منه الرائحة التي تخرج من التفاح الذي ينضج على الشجر.

ويشتري الناس التفاح دون التفريق بين هذا وذاك. وعندما تذهب إلى المتجر لشراء التفاح، يجب أن تعرف أن الهرمونات والأكسجين وغيرهما من المواد هي التي تجعل التفاح متوفرا على مدار السنة، رغم أن هذا التفاح لا يشبه تماما التفاح الذي ينضج على الشجر بشكل طبيعي.


يمكنك قراءة الموضوع الأصلي على موقع BBC Future

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.