لماذا حجبت إيران ألعاب فيديو مع تصاعد الاحتجاجات؟

حظرت إيران لعبة Clash of Clans لترويجها للعنف والصراع القبلي

حظرت إيران لعبة Clash of Clans لترويجها للعنف والصراع القبلي

يبدو أن المتظاهرين الأصغر سنا في إيران عثروا على طرق جديدة للتحضير لاحتجاجهم ضد الحكومة، لكن السلطات أيضا لم تعد كما يبدو تعتمد على الطرق التقليدية فقط لقمع المظاهرات.

الشابة مهسا أميني، التي أشعلت موجة احتجاجات جديدة بعد وفاتها أثناء احتجازها من قبل الشرطة، كانت لا تتجاوز الـ22 عاما. ولوحظ أن المشاركين الرئيسيين في الاحتجاجات الحالية هم من جيلها تقريبا، وهو الجيل المتمكّن تكنولوجيا، والمستخدم الدائم لوسائل التواصل الاجتماعي والتطبيقات المتنوعة.

يوم 22 سبتمبر، حجبت السلطات الإيرانية آخر وسيلتي تواصل اجتماعي كان بإمكان الإيرانيين استخدامهما بسهولة وهما إنستجرام وواتساب، بعد أن كانت قد حجبت غيرهما من التطبيقات كتويتر ويوتيوب وفيسبوك منذ عام 2009.

وطال الحجب أيضاً لعبة كلاش أوف كلانز ( Clash of Clans) الشهيرة بسبب توفيرها خدمة الدردشة، والسبب المتوقّع هو منع الشباب من التواصل من خلالها، وفقا لتفسير موقع ديجياتو باللغة الفارسية (digiato.com).

لكن هناك تقارير تلمح إلى ذهاب السلطات الإيرانية إلى ما هو أبعد من ذلك، وأنها بدأت بالفعل باستخدام نظام للتعرف على الوجوه لتوقيف المتظاهرين.

فما الذي نعرفه عن هذه المزاعم؟

قبل نحو أسبوع من اعتقال مهسا أميني، نشرت صحيفة الجارديان البريطانية تقريرا، في 5 سبتمبر، جاء فيه أن الحكومة الإيرانية “تخطط لاستخدام تقنية التعرف على الوجوه في وسائل النقل العامة للتعرف على النساء اللاتي لا يلتزمن بالقانون الصارم المتعلّق بالحجاب”.

لكن الحديث عن تكنولوجيا التعرف على الوجوه بدأ قبل ذلك بسنوات. ونستعرض هنا ما تمكنّا من رصده عن هذا الموضوع من خلال التقارير الإعلامية المنشورة في الإعلام الإيراني.

عام 2018

كشفت شرطة طهران عن نظام تعرف على الوجوه، لكن يبدو أنه لم يكن قيد الاستخدام في ذلك الوقت. وقال تقرير لوكالة أنباء تسنيم (المقرّبة من الحرس الثوري الإيراني ومقرها طهران) إنه يمكن توصيل النظام بكاميرات المراقبة ومن ثم تحديد وجوه الأشخاص وتحليلها.

لكن قائد الشرطة الإيرانية، حسين أشتري، قال حينها إن استخدام هذا النظام لا ينسجم مع حقوق المواطنين.

صيف عام 2020

في أوج وباء كوفيد-19، في شهر يونيو، قال رئيس شرطة المرور في طهران، كمال هاديانفر، إن نظام التعرف على الوجه صار “جاهزا للاستخدام”، وأرجع هدف تصميمه إلى التمكّن من فرض غرامات على المشاة الذين لا يتبعون قواعد المرور.

خريف عام 2020

قال نائب وزير الصحة، علي رضا رئيسي، إن الشرطة كانت ستستخدم كاميرات المرور، المجهزة بأنظمة التعرف على الوجه، لتحديد وتغريم أولئك الذين لا يرتدون أقنعة الوجه في الشوارع. ولكن لا تتوفر أدلة تثبت تطبيق ذلك على أرض الواقع.

أغسطس من عام 2022

اقترح الأمين العام للمقر الرئيسي لمديرية “الامر بالمعروف والنهي عن المنكر” محمد صالح هاشمي كلبايكاني، استخدام نظام التعرف على الوجه من أجل تنفيذ ما يسمى بـ”خطة العفة والحجاب”، أي التحقق من أن النساء مغطيات بالكامل في الأماكن العامة. وطرح استخدامه خاصة في أماكن مثل محطات المترو، وأثار ذاك الإعلان ضجة على وسائل التواصل الاجتماعي – وهذا هو التصريح الذي أشار له تقرير صحيفة الجارديان.

تقنيبة التعرف علي الوجوه

تقنيبه التعرف علي الوجوه

ولكن بعد تصريحات كلبايكاني تلك، نقل موقع إخباري في إيران مرتبط بتلفزيون إيران الرسمي، واسمه (وكالة نادي المراسلين الشباب للأنباء)، عن “مصدر مطلع” تأكيدا بأن كاميرات المراقبة في محطات مترو طهران لا تحتوي على أنظمة التعرف على الوجه.

سألنا الصحفي في بي بي سي، شايان سرداريزاده، وهو إيراني يعمل مع وحدة تحرّي المعلومات المضللة، عما إذا كانت هذه التكنولوجيا تستخدم لرصد التظاهرات اليوم، فقال “أعتقد أنها لم تطبّق بعد”.

وأوضح أن أنظمة كاميرات المراقبة (CCTV) منتشرة على نحو واسع في المدن الكبرى في إيران، أكثر منها في القرى والبلدات، والحال ذاته بالنسبة لانتشارها في الحافلات التي تعمل في المدن الكبرى.

كاميرات المراقبة في الشوارع

كاميرات المراقبة في الشوارع

يقول الصحفي في بي بي سي سرداريزاده إن “معظم التكنولوجيا المستخدمة لحجب المواقع وللتشويش على إشارات الأقمار الصناعية قادمة من الصين”.

كما أن أمير رشيدي، مدير أمن الإنترنت والحقوق الرقمية في مجموعة ( Miaan) والذي يقول إنه يتابع سياسة إيران الداخلية ووضع التكنولوجيا فيها منذ 12 عاما، يشير إلى اتفاقية وقّعت بين الصين وإيران تتعلق بالتكنولوجيا والذكاء الصناعي.

ويقول رشيدي إن السلطات الإيرانية “ليست قادرة وحدها على تطبيق تقنية التعرف على الوجوه. الصين متطورة جدا في هذا المجال. أعتقد أن إيران تستخدم تقنية الصين”.

وكانت إيران والصين وقعتا عام 2020 اتفاقا استراتيجيا لمدة 25 عاما، أصبح مثار جدل، وقيل إنه وُقع سرا، وجاء كمحاولة لتقويض جهود إدارة ترامب لعزل الحكومة الإيرانية بسبب طموحاتها النووية والعسكرية.

ووفقا لمقال نشر في صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، في يوليو 2020، فإن هذه الشراكة ستوسع بشكل كبير الوجود الصيني في البنوك والاتصالات والموانئ والسكك الحديدية وعشرات المشاريع الأخرى. وفي المقابل، ستحصل الصين على إمدادات منتظمة من النفط الإيراني على مدى السنوات الخمس والعشرين المقبلة بسعر مخفّض للغاية.

السلطات الإيرانية "ليست قادرة وحدها على تطبيق تقنية التعرف على الوجوه

السلطات الإيرانية “ليست قادرة وحدها على تطبيق تقنية التعرف على الوجوه

رغم العقوبات.. الولايات المتحدة تودّ تزويد الإيرانيين بالإنترنت

بالتزامن مع خروج المظاهرات في إيران، أصدرت وزارة الخزانة الأمريكية توجيهات لتوسيع خدمات الإنترنت للإيرانيين “للتحايل على رقابة الدولة ومراقبتها”.

لكن صحيفة الغارديان أضافت أن ذلك “لن يمنع طهران تماما من استخدام وسائل اتصال لخنق المعارضين، كما فعلت عندما قطعت إمكانية الوصول إلى الإنترنت لمعظم المواطنين”.

وبعد قرار وزارة الخزانة الأمريكية، أشارت صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية إلى أن شركة ستار لينك، المملوكة للملياردير إيلون ماسك، بدأت بتفعيل خدمة الإنترنت عبر القمر الاصطناعي في إيران بعد أن سمحت الولايات المتحدة للشركات الخاصة بتوفير إنترنت غير خاضع للرقابة في البلاد.

ويأتي هذا التحرك من قبل ستارلينك ليكون الثاني من نوعه بعد أن وفر ماسك خدمات الإنترنت في أوكرانيا عبر القمر الاصطناعي عقب تعطيل روسيا شبكات الاتصالات منذ بداية غزوها للبلاد في فبراير/ شباط الماضي.

ويمكن لمستخدمي الإنترنت من ستارلينك تجاوز شبكات الإنترنت الأرضية، ومن ثم الوصول للإنترنت دون مراقبة.

لكن هذا لا يعني أنه بإمكان الإيرانيين استخدامه مباشرة؛ إذ يحتاج استخدام الإنترنت الفضائي إلى مستقبل خاص للإشارة التي تأتي من منصة ستارلينك الفضائية التي تبعد عن الأرض بحوالي 500 كيلو متر في الفضاء الخارجي. وتحتوي مجموعة الاستقبال أيضا على طبق استقبال قمر اصطناعي، والذي يشحن في طرد حجمه يماثل تقريباً حجم علبتي بيتزا.

يقول أمير رشيدي، مدير أمن الإنترنت والحقوق الرقمية في مجموعة ( Miaan)، إن “الكرة الآن في ملعب شركات الاتصال” لتزويد الإيرانيين بخدمات إنترنت غير مراقبة.

فحتى اليوم، وفي ظل مراقبة الرسائل النصية وحجب أهم وسائل التواصل الاجتماعي، يتحايل الإيرانيون للوصول إلى الإنترنت، معتمدين بشكل كبير على الـ VPNs (وهي تقنية تسمح للمستخدمين بالوصول إلى مواقع محجوبة عبر شبكة وسيطة) رغم أنها قد لا تكون آمنة بالضرورة.

ويقول رشيدي: “استخدم أحد أصدقائي عشرين VPN مختلفا حتى يتمكن من التواصل معي”.


المصدر: بي بي سي

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.