انخفاض عدد سكان الصين للمرة الأولى منذ 60 عاماً

أطفال يلعبون في ساحة القرية بعد المدرسة في مقاطعة شينزهين، الصين، نوفمبر 2022

أطفال يلعبون في ساحة القرية بعد المدرسة في مقاطعة شينزهين، الصين، نوفمبر 2022

وصلت الدولة الأكثر ازدحاما بالسكان في العالم إلى لحظة محورية، بدأ عدد سكان الصين في الانكماش، بعد انخفاض مطرد استمر سنوات في معدل المواليد، والذي يقول الخبراء إنه لا رجعة فيه.

قالت الحكومة الصينية يوم الثلاثاء 17 يناير إن 9.56 مليون شخص ولدوا في الصين العام الماضي، بينما توفي 10.41 مليون شخص.

كانت هذه هي المرة الأولى التي يفوق فيها عدد الوفيات عدد المواليد في الصين منذ القفزة العظيمة للأمام، التي أعقبت تجربة ماو تسي تونج الاقتصادية الفاشلة التي أدت إلى انتشار المجاعات والفقر في الستينيات.

انخفض عدد سكان الصين للمرة الأولى منذ 60 عاماً، مع تراجع قياسي في عدد المواليد، بمعدل 6.77 ولادة لكل ألف شخص.

وبلغ عدد السكان العام الماضي 1.4118 مليار نسمة، في انخفاض بمقدار 850 ألفاً من عام 2021.

كان عدد المواليد يتراجع في الصين منذ سنوات، مما دفع الحكومة لاتخاذ سلسلة من السياسات لإبطاء هذا الاتجاه.

لكن بعد 7 سنوات من إلغاء سياسة الطفل الواحد، دخلت البلاد ما وصفه أحد المسؤولين بـ “حقبة النمو السكاني السلبي”.
وقد انخفض معدّل المواليد في عام 2022 أيضاً من 7.52 في عام 2021، بحسب المكتب الوطني الصيني للإحصاء، الذي أصدر الأرقام.
سجل معدل المواليد في الصين مستوى انخفاض قياسي في عام 2022

سجل معدل المواليد في الصين مستوى انخفاض قياسي في عام 2022

وبالمقارنة، في عام 2021، سجلت الولايات المتحدة 11.06 ولادة لكل ألف شخص، وسجلت في بريطانيا 10.08 ولادة لكل ألف شخص.

وبلغ معدل المواليد في نفس العام في الهند، التي تستعد لتجاوز الصين كأكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان، 16.42 ولادة للألف.

كما فاق عدد الوفيات عدد المواليد لأول مرة العام الماضي.

سجلت الصين أعلى معدل وفيات منذ عام 1976، بمعدل 7.37 حالة وفاة لكل ألف شخص، في ارتفاع من 7.18 في العام السابق.

كانت بيانات حكومية سابقة قد أنذرت بأزمة ديموجرافيا من شأنها أن تقلص على المدى الطويل القوة العاملة في الصين، وتزيد العبء على الرعاية الصحية وتكاليف الضمان الاجتماعي الأخرى.

رسم بياني يوضح انخفاض عدد المواليد في الصين لكل 1000 نسمة في الفترة من عام 1980 حتي 2022

أظهرت نتائج تعداد في عام 2021 أن نمو سكان الصين يمر بأبطأ وتيرة منذ عقود. كما أن عدد السكان يتقلص ويزيد معدل تقدمهم بالسن في دول شرق آسيا الأخرى، مثل اليابان وكوريا الجنوبية.

تقول يو سو، الخبيرة الاقتصادية الرئيسية في وحدة الاستخبارات الاقتصادية في “ذا إيكونومست”: “سيستمر هذا الاتجاه وربما يزداد سوءاً بعد كوفيد”. سو هي من بين الخبراء الذين يتوقعون أن ينخفض عدد سكان الصين أكثر خلال عام 2023.

وتضيف: “معدل بطالة الشباب المرتفع والضعف في توقعات الدخل قد يؤخر خطط الزواج والولادة أكثر مما يؤدي إلى انخفاض عدد المواليد الجدد”.

وتقول إنه من المرجح أن يكون معدل الوفيات في عام 2023 أعلى مما كان عليه قبل الوباء بسبب عدوى كوفيد. وشهدت الصين زيادة في عدد الحالات منذ أن تخلت عن سياسة صفر كوفيد الشهر الماضي.

إنخفاض عدد السكان في الصين

انخفاض عدد السكان في الصين

تأثرت الاتجاهات السكانية في الصين على مر السنين إلى حد كبير من خلال سياسة الطفل الواحد المثيرة للجدل، والتي أقرت في عام 1979 لإبطاء النمو السكاني.

وفرضت غرامات على العائلات التي انتهكت القواعد وفي بعض الحالات فقدت وظائفها. وفي ثقافة تفضل الصبية على الفتيات تاريخياً، أدت تلك السياسة أيضا إلى عمليات إجهاض قسري وتشوه في النسب الجنسانية منذ الثمانينيات.

ألغيت تلك السياسة في عام 2016 وسمح للأزواج بإنجاب طفلين. في السنوات الأخيرة، عرضت الحكومة الصينية أيضاً إعفاءات ضريبية ورعاية صحية أفضل للأم، من بين حوافز أخرى، لعكس أو على الأقل لإبطاء معدل المواليد المتدني.

لكن هذه السياسات لم تؤد إلى زيادة مطردة في المواليد. يقول بعض الخبراء إن السبب في ذلك هو أن السياسات التي شجعت على الولادة لم تكن مصحوبة بجهود لتخفيف عبء رعاية الأطفال، مثل المزيد من المساعدة للأمهات العاملات أو الحصول على التعليم.

في أكتوبر 2022، جعل الرئيس الصيني شي جينبينج زيادة معدلات المواليد أولوية. وقال شي في مؤتمر للحزب الشيوعي يعقد مرة كل 5 سنوات في بكين إن حكومته “ستتبع استراتيجية وطنية استباقية” استجابة لشيخوخة السكان في البلاد.

وتقول بوساراوان تيراويتشيتشينان، مديرة مركز جامعة سنغافورة الوطنية لأبحاث الأسرة والسكان، إنه بصرف النظر عن تقديم حوافز لإنجاب الأطفال، يجب على الصين أيضاً تحسين المساواة بين الجنسين في الأسر وأماكن العمل.

وتضيف أن الدول الاسكندنافية أظهرت أن مثل هذه التحركات يمكن أن تحسن معدلات الخصوبة.

ويقول بول تشيونج، كبير الإحصائيين السنغافوريين السابق “إن السيناريو ليس كارثياً”، مضيفاً أن الصين لديها “الكثير من القوى العاملة” و”مهلة زمنية طويلة” لإدارة التحدي الديموجرافي.

يقول المراقبون أيضاً إن مجرد رفع معدلات المواليد لن يحل المشكلات الكامنة وراء تباطؤ النمو في الصين.

ويقول ستيوارت جيتيل باستن، أستاذ السياسة العامة بجامعة هونج كونج للعلوم والتكنولوجيا “إن تعزيز الخصوبة لن يؤدي إلى تحسين الإنتاجية أو زيادة الاستهلاك المحلي على المدى المتوسط.. كيف ستستجيب الصين لهذه القضايا الهيكلية سيكون أكثر أهمية”.


المصدر: نيويورك تايمز – بي بي سي

الإعلان

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.